Sunday, July 25, 2004

متوالية التقسيم تهدد السودان


Sudan (2004)
Sudan (1999)

2004-07-25

الأسباب الحقيقية لأزمة الغرب: صراع الشركات النفطية الفرنسية والأمريكية واكتشاف اليورانيوم في "حفرة النحاس"

متوالية التقسيم تهدد السودان.. الجنوب ثم دارفور وفي الطريق مناطق البجا في الشرق

الخليج تستطلع آراء باوتشر وبريندا وجاست ومعارضين لنظام الخرطوم في المنفى

واشنطن - حنان البدري:


فجأة وعلى مدى الايام الماضية تعالت الاصوات في الولايات المتحدة وعلى المستوى الدولي منددة بالكارثة الانسانية في دارفور، واصبحت اخبار دارفور تتصدر نشرات الاخبار ومانشيتات كبريات وسائل الاعلام الامريكية، ومظاهرات يومية مستمرة تحاصر السفارة السودانية في واشنطن، يقودها أعضاء في الكونجرس الامريكي ورؤساء حركات التضامن المسيحي الدولية ومنظمات حقوق الانسان الذين تعرض بعضهم، خصوصا أحد اعضاء الكونجرس، لاعتقال رجال الشرطة بتهمة محاولة اقتحام السفارة السودانية واعلان زعيم ديني امريكي آخر الاضراب عن الطعام.

وأقر مجلس الكونجرس الامريكي (الشيوخ والنواب) قراراً يدين ما يحدث في دارفور ومطالبة ادارة الرئيس جورج بوش باعتباره “إبادة جماعية” مع تقديم المسؤولين عنه للمحاسبة، وتصريحات لكوفي أنان وحكومة باول حول دارفور حملت نبرة تحذير مباشر للحكومة السودانية، وتصريحات اخرى للمرشح الديمقراطي للرئاسة جون كيري يطالب فيها بإيجاد حل لكارثة دارفور بل شارك في تقديم مشروع القرار.

واتفقت معظم التصريحات في التوجه بل وفي التعبيرات، فسمعنا عن “الجنجويد العرب” الذين يقتلون ويغتصبون النساء والاطفال والشيوخ من سكان دارفور من “الافارقة الزنوج” حسب “وصفهم”.

ولأنه ليست هناك “عفوية” في السياسة، ولأن من الصعب تخيل ان يكون العامل الانساني وحده وراء هذه التوجهات والسياسات المفاجئة نحو الأزمة في دارفور وبعد مرور اقل من اسبوع على مفارقة رفض الكونجرس الامريكي في تصويته على الميزانية السنوية منح عدد من الدول الافريقية، لا سيما الصحراوية بدءاً من تشاد وحتى المحيط الاطلسي، معونات بسيطة نسبياً بحدود 5 ملايين دولار لدعم المزارعين ومشاريع صغيرة للتنمية الانسانية، لكل هذا كان لابد من تقصي العوامل والاسباب الحقيقية التي يمكن اضافتها “للعامل الانساني” وراء هذا الحشد الهائل لتصعيد الاهتمام بدارفور.

ومن واقع لقاءاتنا مع عدد من السودانيين وبعض الخبراء الامريكيين، وبالبحث في الملفات الاضافية المتعلقة بالسودان ودارفور، وجدنا كثيراً من المفاجآت وعلامات الاستفهام التي حملناها لاحقا الى المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية ريتشارد باوتشر، والى عدد من المعنيين الامريكيين.



القصة من دارفور ليست جديدة فعلى مدى عقود كانت الخلافات في دارفور موجودة لكن كان هناك دوما حل لها وذلك نظراً للتركيبة السكانية في دارفور، تلك المنطقة الشاسعة الواقعة في الغرب السوداني التي تماثل في مساحتها حجم فرنسا.

تقطن دارفور قبائل عربية واخرى زنجية، أهمها وأكبرها قبائل الفور والمساليت والزغاوة، والاخيرة هي القبيلة التي ينتمي اليها الرئيس التشادي الحالي ادريس ديبي.

وهذه القبائل إما رعاة ابقار أو مزارعون. وبطبيعة الحال فإن الخلافات والصراعات بغض النظر عن الاصول العرقية لكل قبيلة كانت دوما بسبب حوادث تتمحور معظمها حول تعدي ابقار الرعاة على محاصيل المزارعين.

لكن دوماً كانت هذه الصراعات تحل وديا، نظراً لأن اغلبية هذه القبائل بمختلف اعراقهم ينتمون سياسياً الى حزب الامة السوداني. كما كانت القبائل الكبرى تحرص على اختيار قائد للجميع من احدى القبائل الصغيرة تفادياً للتناطح بين الكبار على الزعامة.

ولكن الامر تغير كثيراً - حسب مصادرنا السودانية، حينما بدأ النفوذ الايديولوجي للزعيم السياسي المعتقل حاليا الدكتور حسن الترابي يهيمن على توجهات الحكومة السودانية، اذ تمت محاولات جادة على يديه لدعم القبائل العربية على حساب الهوية السودانية التي كانت طاغية على الجميع في دارفور تاريخيا وذلك باستخدام العامل الديني بشكل متطرف، على الرغم من ان كل سكان دارفور مسلمون وليسوا بحاجة لأسلمة توجهاتهم السياسية، بل على العكس هم معروفون تاريخيا بتأصل العقيدة الاسلامية السمحة في نفوسهم.

وكما يرى هؤلاء فإن هذا التوجه غذى الصراع القديم الذي كان قد تم احتواؤه. وجاءت فرصة دفعت بعوامل اخرى، من ضمنها الثروة النفطية والمعدنية الضخمة المكتشفة في دارفور، فأسالت لعاب قوى خارجية، لا سيما النفط واليورانيوم المكتشف في مطنقة “حفرة النحاس” بجنوب دارفور - حسب مصادرنا التي اضافت “بأن الامر زاد سوءاً بسبب ما تردد عن اقدام الحكومة السودانية على استقدام اشخاص غير سودانيين من صحراء مالي والنيجر لتوطينهم في دارفور.

هؤلاء الوافدون الجدد - حسب المصادر المشار اليها - هم المسؤولون اساساً عن عمليات الاغتصاب في دارفور، وليس - مواطنو دارفور العرب أو الأفارقة ومع تحفظنا على استخدام هذا التقسيم الذي ابتدعه الغرب لتصنيف سكان دارفور ما بين زنوج مجني عليهم وعرب جناة، وذلك بعد تراجعهم عن وصف العتدين بأنهم “عرب مسلمون” بحكم ان جميع سكان دارفور مسلمون، فإنه لا يمكن انكار ان الحكومة السودانية دعمت ما يطلق عليه ميليشيا “الجنجويد”، وهو اسم يعني باللهجة المحلية الدارفورية “جن يمتطي حصاناً” اذ يشن مقاتلو هذه الميليشا هجماتهم على القرى وهم يركبون خيولهم.

المفارقة هنا انه بعد اعتقال الترابي الذي قال مصدر سوداني معارض بالخارج ل “الخليج” انه “لا يمانع من التحالف مع الشيطان في سبيل مصلحته”، فإنه - اي الترابي - سعى عبر رجاله لتسريب ملفات النفط والملفات الامنية في جنوب السودان الى يد “الحركة الشعبية لتحرير السودان” والتي كانت في أمس الحاجة الى وثائق تستخدمها في التفاوض مع حكومة الخرطوم برعاية الامريكيين، فساهم بذلك - حسب تلك المصادر - في تقوية موقف الحركة - في مفاوضات السلام التي تمت برعاية امريكية مباشرة واستبعدت منها دولاً اقليمية رئيسية، ابرزها مصر.

والمفارقة الاخرى تتمثل في ضلوع جناح الترابي رغم استمرار اعتقاله في ما يحدث في المفاوضات الجارية حول دارفور التي انهارت قبل ان تبدأ في اديس ابابا الاسبوع الماضي بسبب قائمة الشروط المسبقة التي تقدم بها المتمردون قبل الجلوس الى مائدة المفاوضات وتضمنت المطالبة بنزع سلاح “الجنجويد” ومحاسبتهم.

فقد ظهر في الصورة خليل ابراهيم المحسوب على الترابي، ضمن وفد المتمردين الذي يضم ممثل ثلاث جماعات رئيسية، هي: “حركة العدل والمساواة” المحسوبة على حزب الترابي ويتردد ان ممول هذه الحركة هو الدكتور علي الحاج أحد كبار مساعدي الترابي وأحد المعارضين لحكومة البشير، وهذه الحركة لها مركز قوة في المانيا حيث يقيم علي الحاج.

وجماعة “التحالف الفيدرالي” وهم مقربون الى جون قرنق. و”حركة تحرير السودان - الجناح العسكري”. ومن ضمن الوجوه البارزة لوفد التمرد الى مفاوضات اديس ابابا شريف حرير الذي ينتمي الى قبيلة الزغاوة.

والى جانب هذه التركيبة الشديدة التعقيد تتدخل عوامل خارجية اشد تعقيداً تتداخل فيها مصالح امريكية وفرنسية وتشادية وليبية، اذ نجد ان فرنسا التي بدأت تفقد نفوذها التقليدي تاريخياً في انحاء افريقيا، بسبب ما يعتبره بعض الساسة الفرنسيين “محاولات امريكية متكررة للسيطرة على افريقيا بمد يد المساعدات الى دول القارة السوداء “الغنية بثرواتها والتي تطحنها مع ذلك الحروب الاهلية والمجاعات ويفتك “الايدز” بسكانها.

ويبدو ان فرنسا استثارها نجاح الولايات المتحدة في مد نفوذها الى اكثر الدول الافريقية صلة تاريخياً بفرنسا، ولا سيما تشاد التي حلت عنها شركات النفط الامريكية الكبرى “ايكسون موبيل” محل الشركات الفرنسية النفطية (أنها) وبعد زيادة التعاون التشادي - الامريكي أخيراً في مجال الحرب مع “الارهاب”، اذ تم نشر قوات مكافحة الارهاب الامريكية على الاراضي التشادية، وكذلك بسبب مشاريع البترول في البلوك (ب) في جنوب السودان التي سحبت من شركة نفط فرنسية، تمهيدا لمنحها لشركة امريكية كبرى لتستخرج النفط وتنقله عبر خط سكة حديد يربط جوبا ومومبا في كينيا بتكلفة تبلغ 3 مليارات يورو بدلا من نقله عبر ميناء بورتسودان على البحر الاحمر.

ولا يمكن تجاهل القلق المتصاعد من جانب شركات النفط الامريكية الكبرى بعدما ابرمت الحكومة السودانية اتفاق منح شركة “توتال” النفطية الفرنسية امتياز استكشاف واستخراج البترول من البلوك 15 بدارفور. وربما كانت هذه خطوة ادت لأن يتردد حاليا اقتراح بتقسيم “تورتة” الثروة النفطية السودانية بين الشركات الامريكية جنوبا والفرنسية غربا”.

وإلى جانب فرنسا والولايات المتحدة، نجد في الصورة ايضا تداخلات خارجية اقليمية أبرزها في تشاد وليبيا، اذ ان تشاد تربطها علاقة حميمة مع فرنسا، وفي الوقت ذاته لديها طموح لعلاقات اكثر وثوقاً مع واشنطن، في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس ديبي مشكلات داخلية من المعارضة التي ترفض مطلبه تعديل الدستور ويعتمد على نفوذ قبيلته “الزغاوة” التي تقطن فروعها الكبرى في دارفور، ولا يزال يدين بالعرفان لدعم زغاوة دارفور له في فترة الحرب التشادية. واخيراً رأينا كيف زار الرئيس التشادي ديبي ليبيا لبحث ازمة دارفور بتنسيق امريكي، فقد طلبت واشنطن من ليبيا المساعدة في إرسال قوافل المساعدات عبر اراضيها.

وقد سألت “الخليج” ريتشارد باوتشر المتحدث الرسمي باسم وزير الخارجية الامريكية في اطار حوار تم في مقر الوزارة حول دارفور، فأكد وجود فريق عمل أمريكي تم ارساله الى معسكرات لاجئي دارفور في تشاد وعلى الحدود التشادية - السودانية (على الجانبين) لاجراء مقابلات مع اللاجئين واعداد تقارير عن الوضع. وقال ان هذا الفريق اتم خمسين مقابلة وستصل الى ألف مقابلة بنهاية هذا الصيف، وبناء على هذه التقارير ستتشكل الرؤية الامريكية للوضع في دارفور، لا سيما مسألة هل ما يحدث يستحق ان يوصف بأنه “ابادة جماعية” أو “تطهير عرقي”.

باوتشر ابدى عدم علمه بتفاصيل اللقاء الذي تم بين أحد قيادات الجنجويد (موسى هلال) والقائم بالاعمال الامريكي بالسفارة الامريكية في الخرطوم قبل ايام وتكرر على مدى ثلاثة ايام، على الرغم من ان موسى هلال على رأس قائمة المطلوبين الستة المتهمين بالمسؤولية عما يسمى “فظائع” دارفور.

واكد باوتشر - عندما سألته “الخليج” عن اسباب عدم المطالبة بنزع اسلحة المتمردين في دارفور اسوة بالمطالبة بنزع اسلحة “الجنجويد”، انه “بالقطع” حسب تعبيره “لا بد ان يطبق مبدأ نزع التسلح على الجانبين المتمردين والجنجويد”. لكنه استطرد قائلاً: “إن المتمردين وقعوا على اتفاق وقف اطلاق النار في ابريل/نيسان الماضي، والحل هو ان نوقف اطلاق النار ثم نجمع الطرفين للحوار بأسرع وقت ممكن للتوصل الى حل سياسي. فكما رأينا الاسبوع الماضي لم يشارك المتمردون حقيقة، لذا فنحن والمجتمع الدولي نريدهم ان يشاركوا مشاركة فعلية في المفاوضات وان يجلسوا مع الحكومة السودانية للتوصل الى حل “سياسي”.

وعندما سألته “الخليج” عن معرفته بما تردد عن مصدر الاسلحة الحديثة التي ظهرت بأيدي متمردي دارفور فإنه أبدى عدم علمه بالامر. وبالنسبة لعامل “الثروة النفطية” في التأثير على السياسات الامريكية بالنسبة لدارفور، ولا سيما بعد حصول شركة “توتال” الفرنسية على حق استكشاف البترول في دارفور بداية العام الحالي، اكد باوتشر “ان القلق الامريكي الدولي في شأن دارفور مصدره الاساسي الوضع الانساني المتدهور هناك والعامل الامني وقال ل “الخليج”: “لابد ان نركز جميعاً على مسألة الوضع الامني من دارفور والاسراع بالتحكم في العنف وتقديم المساعدات الانسانية ووضع الجنجويد تحت السيطرة والسماح لسكان دارفور بالعودة الى بيوتهم واسرهم، وهو ما نعمل عليه عن قرب مع الامين العام للامم المتحدة والوزير كولن باول يتحدث بشكل يومي حول هذا الامر هاتفيا مع الامين العام كوفي أنان”.

وبالنسبة لاقتراح ارسال قوات مصرية والهاجس لدى مصر الذي يمثل السودان اهمية واولوية استراتيجية قصوى لها، فإن باوتشر حرص على الاجابة بشكل عام عن اهمية تعاون دول الجوار لاعادة الاستقرار الى دارفور، وقال ان مسألة ارسال قوة مصرية الى دارفور متروكة لما يراه الاتحاد الافريقي.

وبينما يبقى استصدار قرار من مجلس الامن الدولي حول دارفور معلقاً بالاجندة الامريكية، فإنه لوحظ اهتمام عدد من المنظمات الامريكية ومراكز الابحاث بالامر، حيث وقف اعضاء متحف “الهولوكست” دقيقة حداداً على “ضحايا” دارفور، واقيمت ندوات عدة كانت ابرزها في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى” حول دارفور وأسفرت عن المطالبة بإرسال قوات متعددة الجنسيات سريعاَ من الاتحاد الافريقي اساساً في غضون شهر الى شهر الى دارفور، لتقويم الوضع.

وقد سألت “الخليج” جون بريندر جاست أحد المحاضرين عن اسباب اتهامه لحكومة السودان بالتواطؤ في أحداث دارفور، فأجاب بأنها متهمة بالتسبب في المجاعة واستخدام اموال النفط السوداني في شراء اسلحة. لكنه اضطر للاعتراف بأن اسلحة المتمردين تأتي من افراد مؤيدين لهم في المنطقة، ومن عناصر في تشاد ليست لها علاقة بالحكومة التشادية او بالرئيس ديبي.

واضاف جاست: “اتوقع لدى وصول المراقبين الى السودان ان يتمكنوا من تحديد حاجاتهم من القوات الاضافية. والولايات المتحدة عموما ليست لديها نية في ارسال قوات امريكية الى دارفور، لكنها يمكن ان ترسل خدمات لوجستية ومعدات. عموما ينبغي على الافارقة ان يجدوا حلا افريقيا، بدلاً من ان يضطر الغرب الى الذهاب هناك لحل الازمة”. واتهم جاست فرنسا بعدم التعاون مع مجلس الامن الدولي وعدم ترحيبها بارسال قوات اجنبية الى دارفور. وقال: “هناك الكثير مما ينبغي حله ما بين الاوروبيين والامريكيين في هذا الشأن”.

على كل فإنه للأسف الشديد تبدو فرص السودان في النجاة من مأزق افكار التقسيم المتتالي ضئيلة للغاية، اذ كما هو واضح، وبعد الاتفاق للغاية، اذ كما هو واضح، وبعد الاتفاق غير المكتمل بالنسبة للجنوب، تبدو دارفور مؤهلة للانفصال وبأسرع مما يتوقع، بل وتبدو حتى مناطق اخرى من السودان اكثر تأهيلا ربما لتصاعد احداث متوقعة تؤدي للمصير ذاته، خصوصاً منطقة أبيي، في قلب السودان التي يسكنها جنوبيون تحول الميزان الديمغرافي فيها لصالحهم ودخلوا في عداد الجنوبيين رسميا.

والأكثر خطورة هو المصير المتوقع والقلاقل في المنطقة الساحلية الشرقية بطول السودان والممتدة من بورسودان وحتى كسلا مع الحدود مع ارتيريا. وهي المنطقة التي تعد معقل “مؤتمر البجا”، وهو تنظيم سياسي يتبنى نفس مطالب متمردي دارفور، فضلا عن ضعف الارتباط الثقافي والديني لسكان هذه المنطقة بتوجهات الحكومة السودانية الحالية.

واذا نظرنا الى رقعة النزاعات السودانية التي يتدخل فيها الغربيون نستطيع ببساطة رسم صورة متوقعة لما قد تنتهي اليه الاحوال بالسودان وهي توضح تقسيمات المناطق حسب تقسيمات الثروة النفطية والمعدنية والمائية التي تستهدفها خطط خارجية طموحة وطامعة، على عكس الخطط التي تروج لها نفس القوى ولكن باستخدام مبررات انسانية وخرائط تقسم السودان على اساس عرقي وديني اذا لزم الامر.

ان ما يحدث بالسودان الآن ما هو إلا تكرار للتاريخ نفسه، ونسخة ليست بعيدة عما حدث في السابق في فشورة حينما تصاعد صراع فرنسا وانجلترا على افريقيا، ولكن الصراع الحالي اضحى اللاعب الرئيسي فيه الولايات المتحدة وفرنسا، بينما توارت لندن خلف واشنطن مكتفية بهامش ربح تلقيه اليها الولايات المتحدة ويتمثل في بعض الامتيازات بالقارة الافريقية التي عكفت الولايات المتحدة منذ زمن بعيد على مد نفوذها وسيطرتها على تلك القارة السمراء التي كانت حكرا لسيطرة فرنسية وبريطانية تطحنها الصراعات والحروب الاهلية والفقر والمرض والجوع.

انه لمؤسف حقا ان نرى السودان يغرق في دوامة التقسيم، وهنا لا ينبغي غض النظر عن مسؤولية الحكومة السودانية الحالية عما آلت اليه الحال.

ويقف السودان اليوم وحيداً ضعيفاً ينتظر اقداره، بعدما أضاعت حكومة تسيطر عليها افكار ذات اتجاه واحد فرصاً كثيرة.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home