Sunday, October 10, 2010

في بيتنا.. إبراهيم الرفاعي

كتب حنان البدرى
مجلة روزاليوسف
العدد 1614 - الاحد - 10 اكتوبر 2010

يحل عيد نصر أكتوبر المجيد هذا العام، ومعه أجواء حميمية أكثر زخمًا، أجد من الصعب شرحها في سطور، وكأن «روح» أكتوبر تفرض نفسها علينا هذه المرة بقوة الحنين إلي النصر والامتنان والعرفان لجميل «أعز الرجال وخير جند الأرض» أجواء متجددة لم يمحها مرور السنين، فلا نسينا ولا نستطيع يوما أن نفعل المبهج هنا ومن واقع تجربة شخصية كان في مشاعر جيل جديد ولد بعد النصر، ويختزن داخله بحرص الوعي الكامل بقيمة النصر وبفضل هؤلاء العظام الذين أزاحوا مرارة هزيمة 67، هذا الوعي في مقابل مشاهد متناقضة كفتوي جاهل نصب نفسه شيخًا ليفتي ببيع الآثار وتحطيم التماثيل عبر قناة متطرفة لا ندري من يمولها وآخر يدعي الفن والطرب وعلي رأسه يظل ابدًا عار التهرب من شرف التجنيد، وآخرون يعبئون للفتنة بين عنصري الأمة.

وزد علي هذا السخف الكثير من محاولات التطاول علي نصر أكتوبر ومنهم للأسف أحد الشباب الذي أرسل مستهزئًا بالنصر ومشككا في حدوثه وهو أمر جد خطير، فمعناه أن الجهود المعنوية المضادة التي دأبت إسرائيل علي نشرها في محاولة يائسة للتشويش علي هزيمتها في أكتوبر قد أتت ثمارها، ولكن هيهات، طالما ظل في هذا البلد من يحرس مصالحها ومقدراتها، ولعل الرسالة القصيرة التي جاءتني علي صفحتي علي الفيس بوك من باحث النووي الإسرائيلي آفنير كوهين عندما وجد صورة أسطورة الصاعقة البطل إبراهيم الرفاعي تزين صفحتي وفيها سؤال «لماذا الآن» لعله كان حافزا اضافيا لأوقن بأن الوقت قد حان لأن ابدأ بنفسي، فجلست مع ابني الصغير لأحكي له عن أكتوبر وعما قبل أكتوبر عن الشهيد الرفاعي، وزملائه الأبطال، عن الرقيب محمد حسين أول مجند شهيد، وعن اللواء شفيق متري سدراك أول ضابط شهيد،

عن العريف عبدالحميد الطاهر ثاني من تطأ قدمه أرض سيناء وصيحة زميله الإسكندراني مينا صليب الذي أصر علي الصيام مع اخوانه وهو يهتف «الله أكبر» عن الفريق عبدالمنعم رياض وانتقام الفرقة 39 بقيادة الأسطورة إبراهيم الرفاعي، وعمليات خير جند الأرض عبر الاستنزاف وحتي نصر أكتوبر حتي آخر لحظة في 19 أكتوبر عندما قدم آخر ما عنده دماءه الذكية وهو يحمل سلاحه.

أسئلة وحيدي كانت كثيرة، حاولت علي قدر المستطاع الاجابة عنها وبفخر حكيت له أيضا عن والده الذي قطع دراساته العليا بالولايات المتحدة قبل عشرين عاما ليعود طواعية لينول شرف تأدية الخدمة العسكرية وعن حرص والده علي الاحتفاظ ببذة الجندية المعلقة وعليها خوذة وحذائه العسكري بمنزلنا القاهري ومساء الأربعاء الماضي اصطحبت ولدي إلي احتفالات العيد في السفارة المصرية، كان بدوره سعيدا فخورا برؤية زملاء أعز الرجال، وفي طريق العودة أبلغت بأنه يستبق الساعات ليحكي لزملائه في المدرسة كيف زار مصر بالأمس فيحتفل بالعيد. عيد أكتوبر قبل أن يستطرد متسائلاً «أليست السفارة أرضا مصرية يا أمي!! نحن في حاجة لروح أكتوبر تلك التي لم تعرف جغرافيا ولا حدود، نحن في حاجة لإعادة استيعاب ونشر «ثقافة النصر»، صحيح أن حرص أجيال متلاحقة علي تسجيل وتوثيق بطولات خير أجناد الأرض للتاريخ أمر جد هام، ولكن الأهم منه هو تحويل روح أكتوبر إلي واقع علي الأرض واقع يلفظ القلة التي تسربت أفكارها الغريبة وتطرفها إلي جسد الوطن، كالسرطان.

واقع لا يكتفي بشكر سنوي إلي الرجال الذين جاءوا بالنصر بل بتعليم أولادنا ألا ينسوا وبأن تضحية هؤلاء الذين ماتوا لنحيا فعاشوا فينا للأبد لن تضيع هدرًا. هو دين في الأعناق ليوم الدين، علي كل جيل أن يسمله للجيل الجديد، وأن ترجمة رد الدين لا تكون فقط بتثمين النصر ولكن في تحويله إلي طاقة تنوير تزيح غشاوة الاستسلام لمحاولات جرجرتنا إلي عوالم التخلف طواعية للأسف، علينا أن نستفيق ونفسح الفرصة لروح أكتوبر كي تأخذ بأيادينا، فعدونا مازال يتربص، وكل نجاح يصيبه في مقتل وهي مسئولية كل أم وأب، عليهم أن يبقوا تضحية هؤلاء الذين جاءوا لنا بالنصر ماثلة في كل بيت وساعتها لن يخشوا علي أبنائهم علي كل منا أن يبقي بطولة إبراهيم الرفاعي حاضرة في بيته.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home